- نسأل الله أن يصلح ولاة أمر المسلمين ، وأن يأخذ بأيديهم إِلى الحق ، ونسأله سبحانه التوفيق ، ونعوذ به من الخذلان واتباع الهوى.
وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: "لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان"، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله" 📚] الفتاوى 8/210 [ وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: 📕 "الذي لا يدعو للسلطان فيه بدعة من بدعة قبيحة، وهي: الخوارج -الخروج على الأئمة- ولو كُنتَ ناصحاً لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم لدعوتَ للسلطان؛ لأن السلطان إذا صلح صلحت الرعية، أما بعض الناس إذا رأى من سلطانه انحرافاً وقيل: ادع الله أن يهديه، قال: لا لا هذا لن يهديه الله، ولكن أدعو الله أن يهلكه إذاً! كيف لا يهديه الله، أليس الله هدى بعض أئمة الكفر؟!! هداهم، ثم إذا قدر أن الله أهلكه كما تحب أنت الآن من الذي يتولى بعده؟ من البديل؟ الآن الشعوب العربية التي قامت على الثورة اسأل أهل البلدان: أيها أحسن: عندما كانت البلاد ملكية أو لما كانت ثورية؟ سيقولون بلسان واحد بآن واحد قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم: عندما كانت ملكية أحسن بألف مرة، وهذا شيء واضح" 📚] لقاء الباب المفتوح، اللقاء رقم 169]. - نقل ابن عبدالبر: نسأل الله صلاحا……للولاة الرؤساء فصلاح الدِّين والدُّ……نيا صلاحُ الأمراءِ فبهمْ يلتئمُ الشَّملُ……على بُعْد التناءِ وهم الُمغْنُون عنا……في مواطين العناءً ------- - حريُّ بالمسلمين الذين يرغبون في القيام بواجب النصيحة ، وسلوك جادة السلف ، حريُّ بهم أن يخصُّوا ولاة أمرهم بشيء من دعائهم ، ويا ليت المشتغلين بأعراض الولاة أمسكوا عن ما هم فيه ، واستبدلوا به الدعاء ، فلو فعلوا ذلك لكان خيرا لهم ، على أن الاشتغال بالأعراض لا يقِّرب بعيدا ولا يقيم معوجّا ، وإِنما يوغر الصدور ويجلب الأوزار، قال الحافظ أبو إِسحاق السبيعي: ( ما سب قومٌ أميرهم إِلا حُرموا خيره) رواه ابن عبد البر في التمهيد.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، واحمِ حوزةَ الدِّين، واجعلْ هذا البلَدَ آمناً مُطْمَئناً وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهُمَّ وفِّقَ وليَّ أمرِنا عبدَكَ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ سلمانَ بنِ عبد العزيز ووليَّ عهده الأمير محمد بن سلمان وحكومَتَنا وعلمائنا إلى ما فيه صلاحُ البلادِ والعبادِ، اللهُمَّ وَفِّقهم للصواب والسداد، اللهم وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة، اللهم واحفظهم من كلِّ سوءٍ ومكروه، اللهم وأعزَّ بهم الإسلام والمسلمين، اللهُمَّ وانصُرْ جُنودَنا المرابطين، ثبِّت أقدامَهُم، واجمَعْ كلمَتَهُم، ووحِّد صفُوفَهُم، واشفِ جَرْحَاهُم، وتقبَّلْ شُهدائَهُم، واخلُفهم في أهلهم بخيرٍ يا ربَّ العالمين، اللهُمَّ زَلْزِلْ أقدامَ أعدائهم، وأرْعِبْ قُلُوبَهُمْ، وأنزِلْ على جنودنا السكينَةَ، وألْزِمْهُم كلِمَةَ التقوَى، وحَبِّبْ إليهم اللِّقَاءَ، ورَضِّهِم بالقَضَاءِ، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المنتهى، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]. عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90] وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﮊ ، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروُه على نِعَمِهِ يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
أرجو منكم الإجابة على هذه الأسئلة. 1- ما هو حكم الدعاء للولي الذي يحكم بغير ما أنزل الله؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الدعاء لولي أمر المسلمين ونصحه ومساعدته أمر مشروع ما لم يصدر منه كفر بواح، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يرضى لكم ثلاثا: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. رواه مالك في الموطأ وغيره. صيغة دعاء لولي الامر وقال صلى الله عليه وسلم: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قال الراوي وهو عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عن ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة. فالوالي المنحرف غير الكافر كفراً مخرجاً عن الملة يجوز الدعاء له بل هو أحوج الناس للدعاء لأن بصلاحه يصلح المجتمع، وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 43333 ، والفتوى رقم: 35130 وما أحيل عليه فيهما.
قَالَ: وَمَا الَّذِي شَجَرَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَامِلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: الآنَ أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ إِذَا خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ يَدْعُو لَكَ، فَأَغَاظَنِي ذَلِكَ مِنْهُ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ صَاحِبِهِ تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ، فَصَنَعَ ذَلِكَ ثَلاثَ جُمَعٍ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْكَ يَشْكُونِي، قَالَ: فَانْدَفَعَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَاكِثًا، فَجَعَلْتُ أَرْثِي لَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَرْشَدُ، فَهَلْ أَنْتَ غَافِرٌ لِي ذَنْبِي يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ انْدَفَعَ بَاكِيًا وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ... الحديث. قالوا: وهذا أثر عن أبي موسى رضي الله عنه فيه الدعاء لولي الأمر، وأقره عمر رضي الله عنه. ولكن هذا الأثر ضعيف لا يصح ( [1]). كما عللوا ذلك بعلة؛ قالوا: لأن سلطان المسلمين إذا صلح كان فيه صلاح لهم؛ ففي الدعاء له دعاء لهم، وذلك مستحب غير مكروه.
وَأَمَّا بَعْدَ إحْدَاثِهَا وَاسْتِمْرَارِه َا فِي الْخُطَبِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَصَيْرُورَةِ عَدَمِ ذِكْرِهَا مَظِنَّةَ اعْتِقَادِ السَّلَاطِينِ فِي الْخَطِيبِ مَا يُخْشَى غَوَائِلُهُ وَلَا تُؤْمَنُ عَاقِبَتُهُ فَذِكْرُهُمْ فِي الْخُطَبِ رَاجِحٌ أَوْ وَاجِبٌ. انْتَهَى. وَقَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا ال دُّع َاءُ لِلسَّلَاطِينِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ مُحْدَثٌ))اهـ. واستدل المانعون بأنه لم يرد ذلك في الشرع. وأما المبيحون والمستحبون فاستدلوا بما رُوِيَ عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْغَنَوِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلَيْنَا أَبُو مُوسَى أَمِيرًا بِالْبَصْرَةِ، فَكَانَ إِذَا خَطَبَنَا حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: فَأَغَاظَنِي ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ صَاحِبِهِ تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَصَنَعَ ذَلِكَ ثَلاثَ جُمَعٍ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَشْكُونِي، وَيَقُولُ: إِنَّ ضَبَّةَ بْنَ مِحْصَنٍ الْغَنَوِيَّ يَتَعَرَّضُ لِي فِي خُطْبَتِي، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَنْ أَشْخِصْهُ إِلَيَّ، قَالَ: فَأَشْخَصَنِي إِلَيْهِ، فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ، فَضَرَبْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ فَخَرَجَ إِلَيَّ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: فَلا مَرْحَبًا وَلا أَهْلا، قَالَ: قُلْتُ: أَمَّا الْمَرْحَبُ فَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الأَهْلُ فَلا أَهْلَ لِي وَلا مَالَ فِيمَ اسْتَحْلَلْتَ يَا عُمَرُ إِشْخَاصِي مِنْ مِصْرِي بِلَا ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ.
وعن ابن بشران: أخرجه البيهقي في "الدلائل" (2/476-477). ومن طريقه: أخرجه ابن بلبان الفارسي في "تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق" (ص: 124 وما بعدها). وأخرجه إسماعيل الأصبهاني في "سير السلف الصالحين" (ص: 78-80)، وابن عساكر في "تاريخه" (30/79-81)، كلاهما من طريق يحيى بن جعفر بن أبي طالب، عن عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي، عن الفرات به. قلت: والخبر مُعل قبل الفرات: فعبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي هذا-راويه عن الفرات-: قال الذهبي في "ميزانه" (3/545): "عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي. عن مالك. أتى بخبر باطل طويل، وهو المتهم به، وأتى عن فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن، عن أبي موسى بقصة الغار. وهو يشبه وضع الطُّرقية". انتهى. وبه أعلَّ هذا الخبر في "السير" (1/268)، وفي "تاريخ الإسلام" (1/673)، بقوله: "وآفته من هذا الراسبي فإنه ليس بثقة، مع كونه مجهولا، ذكره الخطيب في تاريخه فغمزه عن مالك". وكان قد قال في ترجمتة في "تاريخ الإسلام" (5/368): "منكر الحديث". وفي "الديوان" (ص: 238): "متهم". 2015-01-11, 12:07 PM #3 وفاتني أن أشكرك شيخ محمد على جهدك الطيب، نفع الله بك. 2015-01-11, 12:09 PM #4 بارك الله فيكم حبيبنا أبا عاصم، ونفع بكم.
و"خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم.. " رواه مسلم. 6- أن الدعاء لولي الأمر عائد نفعه الأكبر إِلى الرعية أنفسهم ، فإِن ولي الأمر إِذا صلح ، صلحت الرعية ، واستقامت أحوالها ، وهنئ عيشها: سئل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ؟ فقال: ( بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم) قال ابن حجر " أي: لأن الناس على دين ملوكهم ، فمن حاد من الأئمة عن الحال ، مال وأمال ". - قال ابن المنير:( نُقل عن بعض السلف أنه دعا لسلطان ظالم ، فقيل له: أتدعو له وهو ظالم ؟ فقال:إِي والله أدعو له ، إِن ما يَدفعُ الله ببقائه ، أعظمُ مما يندفع بزواله. – قال ابن الُمنِّير – لا سيما إِذا ضُمِّن ذلك الدعاء بصلاحه وسداده وتوفيقه" - سئل الفضيل بن عياض – رحمه الله – حين سمع يقول: ( لو كانت لي دعوةٌ مستجابة ما جعلتها إِلا في السلطان) فقيل له: يا أبا علي فَسِّر لنا هذا ، فقال:( إذا جعلتُها في نفسي لم تَعْدُني (تتجاوزني) وإِذا جعلتها في السلطان صَلَح فصَلَح بصلاحه العبادُ والبلاد) - راقتْ هذه الكلمات لابن المبارك ، وأعجبه هذا الفقهُ ، فقبِّل جبهة الفضيل وقال له: ( يا معلم الخير ، مَنْ يحسن هذا غيرك؟) سئل الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله عمن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر فقال: 📕 "هذا من جهله، وعدم بصيرته؛ لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إن دوسا عصت وهم كفار قال: "اللهم اهد دوسا وائت بهم"، فهداهم الله وأتوه مسلمين، فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يدعى له؛ لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح: أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات.
أمَّا بعدُ: (فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و(لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ). أيها المسلمون: فلا يخفى عليكم ما يقومُ به إخوانكم المرابطون في الحدود من تضحياتٍ في سبيلِ الدِّفاع عن الدِّينِ وعن البلادِ والعبادِ، قال الشيخ ابنُ بازٍ رحمه الله: (قد دلَّ الكتابُ والسنةُ الصحيحةُ على أنَّ الرِّباطَ في الثُّغورِ من الجهادِ في سبيلِ اللهِ لِمَن أصلَحَ اللهُ نيَّتَهُ، لقولِ اللهِ جلَّ وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200] ، وقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «رِبَاطُ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وقِيَامِهِ، وإنْ ماتَ جَرَى عليهِ عَمَلُهُ الذي كانَ يَعْمَلُهُ، وأُجْرِيَ عليهِ رِزْقُهُ، وأَمِنَ الفَتَّانَ» رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رِبَاطُ يَوْمٍ في سبيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنيا وما عليْهَا، ومَوْضِعُ سَوْطِ أحَدِكُمْ منَ الجنَّةِ خَيْرٌ منَ الدُّنيا وما عليهَا، والرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ في سبيلِ اللهِ أوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنيا وما عليها»، وفي صحيح البخاري رحمه الله عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ في سبيلِ اللهِ حَرَّمَهُ اللهُ على النَّارِ»، ولا شكَّ أنَّ الدِّفاعَ عن الدِّينِ والنفسِ والأهلِ والمالِ والبلادِ وأهلِها من الجهادِ المشروع، ومَن يُقتلُ في ذلكَ وهو مُسلِمٌ يُعتبرُ شهيداً، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَن قُتلَ دُون دينهِ فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون ماله فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون أهلهِ فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون دَمِهِ فهو شهيدٌ»، ونوصيكم أيها المرابطون في الجبهة بتقوى الله والإخلاص لله في جميع أعمالكم، والمحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة، والإكثار من ذكر الله عزَّ وجلَّ، والاستقامة على طاعة الله ورسوله، والحرص على اتفاقِ الكلمة، وعدم التنازع، والصبر والمصابرة في ذلكَ بنفسٍ مُطمئنةٍ، وحُسنِ الظنِّ بالله، والحذر من جميع معاصيه، ومن أجمعِ الآياتِ فيما ذكرنا قوله عزَّ وجلَّ في سورة الأنفال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا للَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 45 - 46] ، سدَّدَ اللهُ خُطاكم وثبَّتكم على دينهِ، ونصَرَ بكم وبِمن معكم الحقَّ، وخذلَ بكم الباطلَ وأهلَهُ، إنه وليُّ ذلكَ والقادرُ عليه) انتهى.
[ الدعاء لولي الأمر] - قال صلى الله عليه وسلم: "السلطان ظل الله في الأرض فمن أهانه أهانه الله ومن أكرمه أكرمه الله " حسنه الألباني. - "من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر ، ومن النصح الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة" (ابن باز) - " ونرى طاعتهم من طاعة الله عزوجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة " (الطحاوي) - " فأمرنا أن ندعوا لهم بالصلاح ، ولم نؤمر أن ندعوا عليهم ، وإن ظلموا وإن جاروا ، لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم ، وصلاحهم لأنفسهم و للمسلمين " (البربهاري) - " ويرون [ أي أهل السنة و الجماعة] الصلاةَ ؛ الجمعة وغيرها ، خلف كل إِمام مسلم ، براًّ كان أو فاجرا... ويرون الدعاء لهم بالصلاح والعطف إِلى العدل" (أبو بكر الإسماعيلي) - " ويرون الدعاء لهم بالإِصلاح والتوفيق والصلاح ، وبسط العدل في الرعية " (أبو عثمان الصابوني) - كان الإمام أحمد دائم الدعاء للسلطان ، وبخاصة إِذا مر ذكره: قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا عبد الله ، وذُكر الخليفةُ المتوكل ، فقال: ( إِني لأدعو له بالصلاح والعافية.. ) - " لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إِلا في السلطان " (الإمام أحمد) - "كان الدعاء لولاة الأمور في الخطبة معروفا عند المسلمين ، وعليه عملهم ، لأن الدعاء لولاة أمور المسلمين بالتوفيق والصلاح ، من منهج أهل السنة والجماعة ، وتركه من منهج المبتدعة... ولأن في صلاحه صلاح المسلمين.
kioskodeapuesta.com, 2024